يشهد عالم الفن على الدوام تطوراً، لكن قلما نشهد تقدماً كبيراً لأي صناعة في فترة زمنية قصيرة. ومع ذلك، يمكن أن توفر تقنية “إن إف تي” NFT وبلوكتشين blockchain طرقاً جديدة للفنانين للتواصل مع المشترين، وزيادة الوصول إلى عالم الفن، مع إضفاء طابعاً ديمقراطياً عليه، وتوفير طرق جديدة للتفكير في تداول القيمة في مجال الفن.
ما هو رمز “إن إف تي”؟ إنها مادة عرض رقمية فريدة ذات ملكية يمكن التحقق منها. قد يكون هذا قطعة فنية، أو أصل من لعبة، أو ملف “بي دي إف” PDF، أو حتى تغريدة.
وعندما يقوم المنشئ “بتعدين / سك” أصل رقمي باعتباره “إن إف تي“، فإن عملية سك العملة تُنشئ رمزاً مشفراً يتضمن التوقيع الرقمي للمحفظة التي أُنشئَت من الرمز المميز.
يوفر هذا التحقق المباشر من المصدر لهواة الجمع في المستقبل، ويتم تسجيله على بلوكتشين. كما أنه يوفر للمبدعين طريقة جديدة يمكن من خلالها إنتاج أعمالهم الفنية وبيعها مباشرة لمتابعيهم، بعيداً عن “المراقبين للفن” (الذين لا يسمحون إلّا لفئة معينة من النّاس بالدخول إلى عالم المسارح والمعارض الفنية).
كما إنَّ تقنية رموز “إن إف تي” موجودة لتبقى بالتأكيد. وهذه بعض الطرق التي ستؤثر بها رموز “إن إف تي” على عالم الفن، والعالم بشكل عام.
تنبؤات خمس لمستقبل الفن “إن إف تي”
لا يمكننا اعتبار فنون رموز “إن إف تي” مجرد موضة جديدة رائعة، ولكن لها آثار حقيقية على تغيير من يصل إلى الفن، ومن يصنعه، وكيف يمكن لشخص ما أن يشتريه. وهذه خمسة تنبؤات حول كيفية استفادة الفنانين، وجامعي التحف الفنية، ومحبي الفن منها.
1. جعل الفن أكثر ديمقراطية
اليوم، يمكن لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت عرض العمل الفني أينما كان. كما يوفر الواقع الافتراضي الفرصة لزيارة المعارض الفنية والمتاحف. وتتيح رموز “إن إف تي” للفنانين فرصاً لإنشاء الفن وتوزيعه عبر الإنترنت، متجاوزين “مراقبين الفن التقليديين” الذين حصروا الفنّ في فئة معينة من الشعب لقرون عديدة. وتسمح معاملات بلوكتشين Blockchain أيضاً للفنانين بالدعم المباشر من قبل جمهورهم والتحكم في حياتهم المهنية.
اقرأ أيضاً: المشاهير والعملات المشفرة ورموز “إن إف تي”!
2. زيادة التنوع والتمثيل
ستعمل رقمنة الفن وظهور تقنية بلوكتشين، ورموز “إن إف تي” على تحويل اللاعبين والمؤثرين الرئيسيين في هذا المجال لجعل الفن أكثر تمثيلاً للعالم من حولنا. مع زيادة الديمقراطية في الفن والمساحات الفنية، وكما يتم الوصول إلى مختلف الأشخاص والمجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً تقليدياً في الفن.
فالفن يتمتع بالقدرة على إعطائنا لمحات عن وجهات نظر وتجارب للعالم خارج نطاق رؤيتنا، ويسمح لنا بتوسيعها. وتحتاج صناعة رموز “إن إف تي” إلى التركيز على رفع الأصوات المتنوعة داخل هذا المجال، فضلاً عن توفير فرص تعليم التشفير لجميع البشر بمن فيهم النساء، والمبدعين، والمجتمعات المحرومة، وأجناس البشر اللونية. وسيتم كلّ ذلك بطريقة أخرى جديدة.
3. المحسوبية والتجزئة
كذلك ستعمل رموز “إن إف تي” على إنشاء مستقبل تبدو فيه رعاية الفنون مختلفة جداً عما كانت عليه. وهذا لأن معاملات بلوكتشين مباشرة، ولا يتدخل فيها طرف ثالث، وسيكون هواة الجمع، والمشجعون في وضع يسمح لهم بتقديم الدعم المباشر للفنان أو المبدع المفضل لديهم.
وبالإضافة إلى ذلك، تسمح ملكية رموز “إن إف تي” بالملكية الجزئية، والتي من خلالها يمكن للمعجبين، أو هواة الجمع المشاركة في الأرباح المستقبلية للفنانين وأعمالهم.
وتتيح تقنية بلوكتشين أيضاً للمبدعين بتلقي مدفوعات على المبيعات المستقبلية لأعمالهم، ووفقاً لتقرير حول “كسب لقمة العيش كفنان“، فإن أحد أهم الجوانب التي تجذب الفنانين حول رموز “إن إف تي” هي إيرادات حقوق الملكية الفكرية.
اقرأ أيضاً: ما هي الرموز الغير قابلة للاستبدال؟
4. أساليب وسائل الإعلام الجديدة
وبسبب هذه التقنيات المبتكرة، سنرى وسائط جديدة تُستخدم بشكل متزايد لابتكار، وتقديم الفن.
وبوسع الفنانين العمل على خلفيات اللوحات الرقمية، وإتاحة الوصول إلى العمل من خلال الواقع الافتراضي، أو الواقع المعزز (مثل الفنانين جوردان ولفسون Jordan Wolfson، أو مارينا أبراموفيتش Marina Abramović).
هذا وتترافق التكنولوجيا الجديدة مع نهضة خيالية، وستستمر التكنولوجيا في النمو والتقدم مع مشاركة المزيد من الناس في الفضاء.
5. زيادة الحريّة والاستقلاليّة
أخيراً، ستؤدي كل هذه العناصر إلى مستقبل مليء بمزيد من الحريّة والاستقلالية للفنانين. لأن رموز “إن إف تي” تسمح بالرعاية المباشرة من المعجبين.
لن يحتاج الفنانون إلى الاعتماد على رعاية الشركات، أو العلامات التجارية، أو جامعي التحف الضخمة الذين قد يطلبون منهم التنازل عن ممتلكاتهم الإبداعية.
في حين أنه سيكون هناك دائماً دور للمنسقين والمستشارين الفنيين للمساعدة في توجيه تجربتنا الفكرية، وفهمنا للفن. وسيكون الفنانون قادرين بشكل متزايد على إنشاء العمل الذي يريدونه ويعرفون أنه يمكنهم العثور على جمهور يدفع مقابل أسلوب الفنان الخاص.
إن القدرة على إنشاء رموز “إن إف تي” الخاصة بهم وتوزيعها عبر الإنترنت من خلال النظام الأساسيّ الذي يختارونه، كما يتيح أيضاً للفنانين التحكم بشكل أكبر في سبل عيشهم.
وبالمقابل، فإن جامعي التحف الذين لديهم الآن إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأعمال الفنيّة، قد يتمتعون بحريّة أكبر في جمع ما يريدون، وليس ما “ينبغي” عليهم.
مستقبل مختلف جداً
لا تعد تقنيات رموز “إن إف تي” الفنية مجرد موضة لشريحة معينة من السكان. بدلاً من ذلك، تتحدى هذه التقنية الجديدة مفاهيم الفن التقليديّ، وتزيل العقبات أمام أولئك الذين يرغبون في المشاركة إما عن طريق الابتكار، أو الجمع.
اقرأ أيضاً: الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs والحق في تقرير المصير!