أصدرت شركة تحليلات العملة المشفرة مون ستريم Moonstream في أكتوبر/تشرين الأول، بيانات حول الحالة الحقيقية لسوق NFT، حيث أفادت أنه من أبريل/نيسان وحتى نهاية سبتمبر/أيلول تقريباً، امتلك ما يقارب 16.71% من جميع حاملي NFT في ايثيريوم، 80.98 % من جميع رموز NFTs.
وقد قامت الشركة بتحليل أكثر من 700 ألف عنوان وأكثر من سبعة ملايين رمز رقمي. لذلك يمكن اعتبار حجم العينة لهذه الدراسة كافٍ لفهم الوضع في سوق NFT.
كما أثار التقرير الذي صدر في 21 اكتوبر/تشرين الأول، ضجة كبيرة من جانب حاملي هذه الرموز. حيث أن تركيز الأصول في أيدي عدد محدود من المالكين يشبه احتكار السوق، وإنشاء قواعد جديدة للعبة.
ولكن قبل الخضوع لهذا الذعر وتداول أوراق NFTs القيّمة، يجب على حامليها التفكير فيما إذا كان هذا الموقف خارجاً عن المألوف حقاً. لذا من المفيد مقارنة هذه الأرقام، بالأرقام الموجودة خارج عالم NFT، ومعرفة كيف يكون مبدأ باريتو Pareto ملائماً هنا.
اقرأ أيضاً: من NFTs إلى ويب 3.0: ما الذي جعل عام 2021 عام العملات المشفرة!
مبدأ باريتو Pareto
تقوم العقول المفكرة بإجراء حسابات رياضية، عند تقاطع الاقتصاد وعلم الاجتماع، وذلك لعدة قرون مضت. حيث أن قانون زيف Zipf، وجورانز رول Juran’s Rule، والنظريات الأخرى حول التوزيع غير المتكافئ للسلع، تأتي جميعها من نظرية أساسية واحدة: مبدأ باريتو Pareto.
ولقد درس فيلفريدو باريتو Vilfredo Pareto توزيع الثروة والدخل في إنجلترا في القرن التاسع عشر، حيث وجد الباحث أن معظم الدخل والثروة تنتمي إلى أقلية من الأشخاص في المجموعات المدروسة. في حين أنه ذلك لم يكن مفاجئاً حقاً في ذلك الوقت، ومع ذلك، أثبت باريتو Pareto أيضاً حقيقتين رائعتين للغاية.
الأولى تعني أن هناك علاقة رياضية ثابتة بين حجم مجموعة من الناس، وحصة الثروة أو الدخل التي تسيطر عليها تلك المجموعة، بمعنى آخر، إذا كان معروفاً أن 20% من السكان يمتلكون 80% من الثروة، فيمكن القول أن 10% من السكان يمتلكون حوالي 65% من الثروة، و 5% من السكان يمتلكون 50%.
وبالنسبة لباريتو Pareto، لم تكن النقطة الرئيسية هي الأرقام المئوية، ولكن حقيقة أن توزيع الثروة بين السكان كان غير متوازن كما هو متوقع.
الحقيقة الثانية هي أن هذا النمط من عدم التوازن، يبقى كما هو بالنسبة للإحصاءات المتعلقة بالفترات المختلفة والبلدان المختلفة. حيث تنطبق هذه القاعدة على بيانات إنجلترا لأي فترة من تاريخها، أو بيانات دول أخرى لفترات مختلفة.
في حين أنه يمكن العثور على العديد من الأمثلة على مبدأ 80/20 في مجال الأعمال. أي أن 20% من خط الإنتاج، عادةً ما يولد 80% من إجمالي المبيعات. ويمكن قول الشيء نفسه عن العملاء، حيث أن 20% من العملاء يدرّون 80% من أرباح الشركة.
من جهة أخرى، تبقى هذه الأمثلة صحيحة في أيامنا هذه أيضاً. حيث أن 20% من المجرمين هم مسؤولين عن 80% من الجرائم، و20% من السائقين مسؤولين عن 80% من حوادث المرور. وبالمقابل فإن 80% من الوقت، يقوم فيه الناس بارتداء 20% من الملابس التي لديهم. كما أن 80% من الإنذارات الكاذبة عند تشغيل نظام مضاد للسرقة، هي نتيجة 20% من الأسباب المحتملة.
اقرأ أيضاً: من NFTs إلى CBDCs كيف سيعالج التشفير مشكلاته الأساسية؟
أسواق مختلفة ولكن نفس المنطق
سيكون من غير المنطقي الاعتقاد بأن الرموز الرقمية ERC 721 لا يجب أن تتأثر بنفس المبادئ، كونها أصبحت جزءً من الاقتصاد العالمي. فعلى العكس من ذلك تماماً، حيث يعني خضوع رموز NFT لهذه القاعدة، أن الرموز الرقمية والأصول المشفرة تدخل حياة الجميع.
الجدير بالذكر، أن الدافع وراء الارتفاع الأخير في أسعار العملات المشفرة، كان الاهتمام المتزايد من المستثمرين المؤسسيين. حيث أظهر أن السوق مستعد لقبول الرموز الرقمية كأداة مالية.
كما أن حقيقة الرموز غير القابلة للاستبدال، التي تندرج تحت مبدأ باريتو Pareto، تؤكد أنه يُنظر إليها من قبل كل من المالكين الخاصين وكبار المستثمرين، كفرصة لحفظ رأس مالهم ومضاعفته.
من جهة أخرى، فإن مبدأ 80/20 يتعارض مع ما كان الناس يعتقدون بأنه منطقي. فمن المتوقع عادةً أن يكون لجميع العوامل نفس القيمة تقريباً. فجميع العملاء متساوون في القيمة بالنسبة لنا.
في حين أن كل معاملة وكل منتج وكل دولار يتم جمعه، هو بنفس جودة المنتجات الأخرى، وجميع الموظفين في فئة واحدة، يجلبون نفس القيمة تقريباً. في حين أنه يجب التعامل مع جميع الأوراق والمكالمات الهاتفية بنفس القدر من الاهتمام، فجميع الفرص متساوية في القيمة، لذلك لا يهم أي منها نختار.
وغالباً ما يعتقد الناس لا شعورياً، أن 50% من الأسباب أو الموارد المستثمرة، ستنتج 50% من النتائج. وقد يبدو أن السبب والنتيجة متوازنان بشكل أو بآخر. لذلك فإن “خطأ 50/50” هو أحد أكثر الأخطاء تضليلاً وإتلافاً.
وهذا ما حدث عندما نشرت مون ستريم Moonstream الإحصائيات. حيث لا يشك العديد من متداولي NFT في وجود لاعبين كبار في هذا السوق. ومع ذلك أصيب الجميع بالصدمة والخوف من تركيز الأصول في أيدي عدد محدود من اللاعبين.
اقرأ أيضاً: بيبسي تطرح أول NFTs بعنوان Mic Drop Collection
هل سيتغير توزيع الأسهم في المستقبل؟
من الممكن العثور على العديد من الأسباب البسيطة لعدم أخذ هذا البحث على محمل الجد. فعلى سبيل المثال، نظرت الوكالة فقط في الرموز الرقمية في شبكة ايثيريوم Ethereum. حيث يمكن أن يتحول العديد من حاملي الأسهم إلى منصات تداول وأسواق.
ولكن ضع في اعتبارك أن التحليل تم إجراؤه فقط بين رموز ERC 721، ولا يتضمن بيانات من شبكات الطبقة الثانية مثل بوليجون Polygon.
في حين أن نسبة 80/20 موجودة في العديد من قطاعات التمويل. لذلك لا ينبغي على مستثمري NFT اعتبار هذا شيئاً استثنائياً أو خطيراً. وقد استمرت العديد من الأنظمة التي لها نفس المستوى من تركيز الأصول، في أداء وخدمة مصالح جميع المشاركين، حيث قد يتغير هذا المعدل قليلاً مع تطبيق تقنية دي فاي DeFi.
ومع دخول مستخدمين جدد لديهم مبالغ صغيرة من الأموال في محافظهم المشفرة، فمن المتوقع أن تأتي صناديق استثمارية جديدة كبيرة أيضاً.