يمكن للعملات المشفرة أن تثير أفكاراً بالنسبة للمبتدئين، حول التقلبات غير المعقولة ونوع العملة التي يوفر ملاذاً آمناً، للأشخاص الذين قد يرفضون الإشراف على تعاملاتهم المالية.
ومع تلاشي هذه الأفكار بسرعة، إلا أن العملات المشفرة ومفاهيمها الفرعية المختلفة، تشق طريقها إلى الاتجاه السائد. حيث يتم استبدال القوالب النمطية، بمجتمعات المستثمرين الذين دخلوا مبكراً في أحد أهم التغييرات التي طرأت على النظام المالي العالمي حتى الآن.
وبالنسبة للمسوقين الذين يأخذون الوقت الكافي للبحث بشكل أعمق قليلاً، فإنهم سيجدون جمهوراً يتمتع بالذكاء التكنولوجي، ومستثمرين يربحون المال، متحدين العديد من قواعد وسلوكيات المجموعات الديموغرافية التقليدية.
اقرأ أيضاً: ما هو مستقبل العملات المشفرة؟
قيمة العملة المشفرة
تعد العملات المشفرة، عملات افتراضية تستخدم تقنية بلوكتشين blockchain للاحتفاظ بسجل ملكية غير قابل للتغيير، حيث لا تصدر معظمها من قبل سلطة مركزية، على الرغم من أن ذلك يتغير، حيث أصبحت البنوك المركزية ترى قيمتها في المعاملات العابرة للحدود وحالات الاستخدام الأخرى.
بينما تميل التقييمات الجامحة لبيتكوين Bitcoin، إلى أن تحظى العملة بمعظم الاهتمام، مع أنها لا تمثل سوى قمة جبل الجليد، فيما يتعلق بالعملات المشفرة المتاحة وما يمكن القيام به.
وقد قام بنك أمريكا The Bank of America، بتقدير القيمة السوقية الإجمالية العالمية لمنظومة الأصول الرقمية، بحوالي 2.1 تريليون دولار أمريكي، مع وجود حوالي 221 مليون شخص على مستوى العالم اعتباراً من يونيو/حزيران 2021، قد تداولوا عملة مشفرة أو استخدموا تطبيقاً قائماً على بلوكتشين blockchain. وهي زيادة هائلة عن 66 مليون مستخدم، التي تم تقديرها بنهاية مايو/أيار 2020.
وهذا من شأنه أن يجعل الاتجاه أكبر من أن يتجاهله المسوقون، ولكن كما هو الحال بالنسبة للكثيرين في الخارج، فإن المعرفة وكيفية المشاركة ليس بالأمر السهل.
الجدير بالذكر، أن بنك الكومنولث Commonwealth، كان أول مؤسسة أسترالية تقليدية كبرى تخوض غمار التشفير، حيث أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أنه سيصبح أول بنك أسترالي، يقدم للعملاء القدرة على شراء أصول التشفير وبيعها والاحتفاظ بها مباشرة، من خلال تطبيق كومبانك CommBank.
وعلى الرغم من عدم تقديم المزيد من التفاصيل في وقت كتابة هذا التقرير، إلا أن CBA (بنك الكومنولث) صرح أن القرار استند إلى بحث أظهر عدداً كبيراً من عملائه – وخاصة الفئة السكانية الأصغر سناً – والذين أرادوا الوصول إلى أصول التشفير كفئة استثمارية، حيث كانوا يشترون ويبيعون ويحتفظون بأصول التشفير، من خلال مجموعة متنوعة من التبادلات.
فيما تختلف التقديرات المتعلقة بعدد الأستراليين، الذين يمتلكون حالياً أصولاً مشفرة على نطاق واسع. حيث وجدت دراسة أنتجها موقع المقارنة فايندر Finder، في أكتوبر/تشرين الأول، أن أستراليا لديها ثالث أعلى معدل لملكية التشفير بنسبة 17.8 في المائة.
وفي الواقع لم تكن نتائج هذه الدراسة صعودية مثل دراسة يوغوف YouGov لشهر يوليو/تموز، التي قام بها بتكليف من بورصة العملات المشفرة الأسترالية المملوكة والمدارة سويفتكس Swyftx، والتي أفادت أن ربع الأستراليين يمتلكون تشفيراً.
وكما هو متوقع، فإن متوسط عمر مشتري العملات المشفرة يتحول إلى سن أصغر شيئاً فشيئاً، حيث وجدت سويفتكس Swyftx أن ثلث (36 في المائة) من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً أو أقل، يمتلكون أصولًا رقمية مثل بيتكوين Bitcoin وايثيريوم Ethereum. كما وجد استطلاع فايندر Finder أيضاً، أن العملة المشفرة كانت الأكثر شيوعاً بين المجموعات الأصغر سناً، حيث ادعى 31 في المائة ملكيتها.
وهذا يمثل تبايناً مثيراً للاهتمام مع وجهات النظر التقليدية للمستثمرين، الذين يميلون إلى الانحراف نحو الفئات العمرية الأكبر سناً، والذين يشيرون أيضاً إلى مستوى عالٍ من المعرفة التقنية والرقمية بين هذه الفئة الجديدة من المستثمرين.
اقرأ أيضاً: 3 من العملات المشفرة لتشتريها الآن وتحتفظ بها إلى الأبد
الدخول إلى التشفير
تعد ناتاشا إتشمان Natasha Etschmann، إحدى أعضاء المجموعة السكانية الأصغر سناً التي تبنت العملة المشفرة كأداة لتوليد الثروة. فبعد شراء شقة في أوائل العام الماضي، لاحظت أن أصدقاءها يسألونها كثيراً عن المال، لذلك قامت بإنشاء صفحة انستاغرام Instagram، وهي اليوم منشئ محتوى ومدير وسائط اجتماعية ممثلة على منصة هايبتاب Hypetap المؤثرة.
وقد قالت إتشمان Etschmann لـ CMO:
“رأيت عدداً هائلاً من الصفحات المالية الموجودة في الولايات المتحدة، لذلك قررت إنشاء صفحة أسترالية، وقد نجحت في ذلك بسرعة حقاً.
وأنا أتحدث عن العملات المشفرة كشيء يمكن أن يكون جزءاً من محفظتك، فهناك أشخاص يريدون التجارة اليومية، وأن يصبحوا أصحاب الملايين وكسب الكثير من المال بسرعة كبيرة
لكني أشعر أن معظم الناس ينظرون إليها، وخاصة في عمري، كأصل طويل الأجل، حيث يقومون بذلك بأمان ويخففون من مخاطرها ولا يضعونها كلها في عملة واحدة”.
وتضيف إتشمان Etschmann:
“لا يزال المخططون الماليون يرون أن التشفير هو أصل أحادي البعد، ولا يمكنك تحقيق أي دخل منه، في الوقت الذي يمكنك فيه تحقيق ذلك، بالإضافة إلى نمو رأس المال
لذلك لا يزال ينظر إليها بشكل سلبي من قبل الكثير من الناس، والكثير من وسائل الإعلام.”
في حين أن أحد المكونات الرئيسية لجاذبية العملة المشفرة، يتمثل في أنها توفر مستويات من الحرية والمرونة لا يمكن للأصول الاستثمارية الأخرى، مثل الممتلكات، أن تتطابق ببساطة.
وترى إتشمان Etschmann: “أن الكثير من الناس يريدون الحرية والمرونة الآن”. فعندما تشتري عقاراً، فأنت مرتبط به، بينما يمكنك مع التشفير، الشراء والبيع على الفور والاستعادة إلى حد كبير في الوقت المناسب.
اقرأ أيضاً: مشروع قانون لتنظيم العملات المشفرة في البيرو Peru!
اكتساب الشرعية
بينما يُنظر إلى العملة المشفرة عموماً على أنها أحد أصول توليد الثروة اليوم، إلا أنها تحظى بقبول في الأماكن وداخل الأنظمة النقدية في العالم. فقد تصدرت تيسلا Tesla عناوين الصحف في فبراير/شباط 2021، عندما قال ايلون ماسك Elon Musk أن الشركة ستقبل مدفوعات بيتكوين Bitcoin.
وقد تم تعليق ذلك في مايو/أيار بسبب مخاوف بيئية تتعلق بكمية الطاقة المستخدمة لإنشاء (تعدين) العملة، حيث بدأت شركة صناعة السيارات الآن في قبول عملة بيتكوين Bitcoin مرة أخرى، شريطة أن يكون هناك دليل على أن ما لا يقل عن 50 في المائة من التعدين، يتم تشغيله بواسطة الطاقة المتجددة.
ولقد كان استهلاك الطاقة المرتفع لتعدين بيتكوين Bitcoin انتقاداً رئيسياً للعملة، على الرغم من أن العديد من العملات الجديدة قد اعتمدت عمليات إنتاج أقل كثافة في استخدام الطاقة، أمثال سولار كوين SolarCoin وبيتغرين BitGreen وكاردانو Cardano وستيلار Stellar.
كما انفتحت شركات أخرى أيضاً على قبول العملات المشفرة، مثل موقع المقارنة الأسترالي فاست كورير Fast Courier، الذي أعلن أنه سيقبل العديد من العملات المشفرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
من جهة أخرى، تكتسب العملات المشفرة شرعية في أعين المنظمين، مع قيام اللجنة التابعة للحكومة الأسترالية، برئاسة السناتور أندرو براج Andrew Bragg، بتقديم عدد من التوصيات، التي من شأنها أن تؤدي إلى إدخال العملات الرقمية في الاتجاه السائد.
وتعد هذه أخبار جيدة لشركات مثل كانفاس Canvas، التي تسعى إلى جعل الاستثمار في الأصول المشفرة أسهل لجميع الأستراليين. وتعتبر الشركة من بنات أفكار الأخوين ديفيد ودانيال لافيكي David and Daniel Laveck، اللذين كانا أيضاً وراء شركة الخدمات المالية بيور كوميرس Pure Commerce، والتي تم بيعها لمزود المدفوعات الإلكترونية يورونت Euronet، في عام 2013.
من جهته قال ديفيد لافيكي David Lavecky بعد إطلاقها في نوفمبر/تشرين الثاني، أن كانفاس Canvas طورت مجموعة شاملة من الأدوات للتداول والاحتفاظ بالعملات المشفرة، والتي يعتقد أنها ستجعل من السهل على جميع الأستراليين المشاركة.
حيث يقول لافيكي Lavecky:
“يمكن أن يستغرق إجراء استثمار واحد اليوم من البداية إلى النهاية 38 خطوة، وبالتالي فقد يستغرق شخص مبتدىء، بضع ساعات لإجراء معاملة واحدة
وهذا بعيد المنال عن متناول عدد هائل من الناس، لذلك نحاول إضفاء الطابع الإنساني وجعله أكثر سهولة
ونحن نبني لـ 100 مليون شخص قادم يريدون الانضمام، لذلك يجب أن يكون الأمر أسهل كثيراً”.
وفي حال كان بإمكانهم القيام بذلك، فإن ذلك يمثل جمهوراً جديداً وثرياً للمسوقين.
اقرأ أيضاً: مقدمو خدمات العملات المشفرة يطالبون بإيضاح حول الضرائب!
من ناحية أخرى، يقول لافيكي Lavecky، أن صعود NFT المستندة إلى بلوكتشين blockchain كأداة لإظهار مصدر السلع الرقمية، يزيد أيضاً الاهتمام بالعملات المشفرة. وكذلك كان قرار اللاعبين الكبار في قطاع الخدمات المالية، بتبني العملات المشفرة كوسيلة لتحقيق تسوية فورية للمعاملات العابرة للحدود.
في حين أن أحد الأمثلة على ذلك هو يو اس دي كوين USD Coin (USDC)، وهو ما يسمى بالعملة الرقمية المستقرة التي ترتبط قيمتها بالدولار الأمريكي.
حيث يضيف لافيكي Lavecky:
“تستخدم فيزا Visa الآن USDC لتسوية التزامات الدفع العابرة للحدود بين البنوك بدلاً من شبكة سويفت SWIFT لأنها أفضل وأسرع وأرخص
حيث أنها حركة فورية للنقد ويمكن استبدالها بأموال حقيقية، وهذا من شأنه أن يزيل الكثير من الوسطاء والتكاليف والخلافات الموجودة في النظام المالي اليوم”.
كما يقول لافيكي أن سمات مثل هذه، ستشهد استمرار حصول العملات المشفرة على القبول كأداة مالية، وبالتالي تحظى باهتمام أوسع لمجموعة من الاستخدامات.
ويضيف:
“إنها أكبر من أن نتجاهلها الآن، لقد خرج الجني من القمقم ولن يختفي”.
كما أن هناك عامل آخر من المحتمل أن يسرع من تبني العملات المشفرة، ألا وهو الحجم الهائل للاستثمار في المشاريع، الذي يصطدم الآن بالشركات التي تطور العملات وتقنيات الدعم. وقد ذكرت بيتشبوك PitchBook أن مستثمري رأس المال الاستثماري، قاموا باستثمار أكثر من 27 مليار دولار أمريكي على مستوى العالم، في شركات التشفير الناشئة في عام 2021.
وقد تذهب هذه الأموال إلى بناة البنية التحتية ومقدمي الخدمات المالية ومشاريع التبادلات المالية اللامركزية المعروفة باسم دي فاي (DeFi)، والتي تُبنى جميعها على تقنيات بلوكتشين blockchain. حيث يشار إلى هذه التقنيات بشكل جماعي باسم Web3، والتي تصف الإنترنت كشبكة لامركزية من المنظمات.
اقرأ أيضاً: تعرف على العملات المشفرة الرئيسية التي اكتسبت أكثر من 1000% في عام 2021!
في حين أن المثال الأكثر تطرفاً على Web3، يكمن في المنظمات اللامركزية المستقلة (DAO)، وهي كيان مستقل بالكامل يديره المجتمع، حيث يمكن للأعضاء التصويت على عملياته. وقد يكون خير مثال على DAO هو صندوق الاستثمار، حيث يجمع الأعضاء الأموال ويصوتون على كيفية استثمارهم، أو يمكن أن تكون مؤسسة خيرية، حيث يمكن للمانحين التصويت على كيفية إنفاق الأموال.