يحلم الناس دوماً بالثراء الذي سيغير حياتهم و الذي غالباً ماتغذيه العملات الرقمية. ففي أفغانستان يشتري الناس العملات الرقمية على أمل الحفاظ على ثرواتهم، وإبقائها بعيدة عن أيدي طالبان.
وهناك، شركة مايهان كريبتو Maihan Crypto الخاصة وهي الأكبر من بين ست شركات وساطة للعملات المشفرة في أفغانستان. ويوجد أربعة منها في هرات. ففي مكتب قريب من سوق صرف أجنبي، يقوم حبيب الله تيموري، وموظفيه الأربعة بإجراء صفقات للعملاء باستخدام هواتفهم.
قال تيموري، في مقابلة فيديو:
“لا يتطلع العديد من العملاء إلى شراء عملة بيتكوين Bitcoin. بدلاً من ذلك، يريدون عملات مستقرة، عملات رقمية مرتبطة بأصل مثل الدولار ومصممة للاحتفاظ بقيمتها.”
كما قال أيضاً:
” ارتفع الطلب على العملات المشفرة خلال الأزمات. سابقاً كان الناس يدفنون نقودهم، ومجوهراتهم في الأرض، أو يخفونها تحت وسائدهم. لكنّهم الآن قرروا الاحتفاظ بها في العملات المشفرة.”
وقال الملحق المالي السابق لوزارة الخزانة الأمريكية في أفغانستان، أليكس زيردين Alex Zerden:
“إن استيلاء طالبان على السلطة كان له العديد من العواقب المؤسفة على شعب أفغانستان.”
وأضاف:
“ليس من المستغرب أن يستخدم الناس الأصول الرقمية كوسيلة للحد من تدخل مجموعة طالبان في شؤونهم الاقتصادية.”
اقرأ أيضاً: في أفغانستان: تحويلات العملات المشفرة توفر المساعدة لعدد قليل من المحظوظين!
أفغانستان تعاني من عقوبات قاسية
ولمعاقبة أفغانستان قامت الولايات المتحدة بحجز تسعة مليارات دولار من احتياطيات النقد الأجنبي، فأصبح الاقتصاد على وشك الانهيار، والنظام المصرفي على حافة الهاوية، حيث يُسمح للأشخاص فقط بسحب 400 دولار أسبوعياً.
وحسب قول الأمم المتحدة في مارس/آذار إن حوالي 95% من السكان لا يملكون ما يكفيهم من الطعام.
لكن بالنسبة لتيموري، كانت عودة طالبان جيدة للأعمال التجارية، على الأقل حتى الآن. حيث صرّح:
“إن شركة مايهان تتعامل الآن مع حوالي 400 ألف دولار من المعاملات المشفرة أسبوعياً، أي أكثر من ضعف المستوى الذي كانت عليه قبل سيطرة طالبان”.
وقد صنف تقرير صدر العام الماضي عن شركة أبحاث بلوكتشين أناليسيز blockchain Chainalysis، أن أفغانستان واحدة من بين 20 دولة في العالم الأعلى من حيث تبني العملات المشفرة. وقد تم ترجيح النتائج من خلال تعادل القوة الشرائية للفرد، والتي تفضل الدول الفقيرة.
اقرأ أيضاً: هل العملات المشفرة غطاء حماية جيد لأفغانستان التي انهار اقتصادها
شراء العملات المشفرة ليس سهلاً في أفغانستان
ترجع صعوبة شراء العملات المشفرة بشكل جزئي إلى أنّه من المستحيل نقل الأموال مباشرة من حساب مصرفي أفغاني إلى بورصة مثل بينانس Binance. بسبب العقوبات، التي قطعت الروابط المصرفية مع الدول الأخرى. وهنا يأتي دور الوسطاء مثل شركة مايهان كريبتو.
حيث يستخدم تيموري وموظفوه نظام الحوالة التقليدي، وهو طريقة غير رسمية لتحويل الأموال التي تمثل حوالي 90% من المعاملات المالية في أفغانستان.
كما يرسلون الأموال بالدولار الأمريكي بشكل أساسي إلى جهات في دول، كإيران، وتركيا، والولايات المتحدة. وهؤلاء الأشخاص، في المقابل، ينقلون الرموز الرقمية مثل بيتكوين والعملات المستقرة إلى محفظة مايهان بينانس.
فقد دخل تيموري مجال العملات المشفرة لأول مرة في سنة 2016 عندما قرأ عن رجل بيتكوين بيتزا “Bitcoin Pizza“، الذي اشترى اثنين من البيتزا الكبيرة مقابل 10 آلاف بيتكوين سنة 2010، بقيمة 40 دولاراً تقريباً.
حيثُ بدأ تيموري عمله في منزله في هرات في عام 2017، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتسويق. وقد نقل العمل إلى مكتبه قرب سوق الصرافة، وبسرعة ازدهرت تجارته.
أصبحت هرات مركزاً للعملات المشفرة لعدة أسباب. الأول هو قربها من إيران، بسبب انتشار الأعمال التجارية بشكل كبير. والسبب الآخر هو أن أشخاصاً آخرين في سوق صرف القطع الأجنبي قريبون من مكتب تيموري تبعوه في عمله هذا.
اقرأ أيضاً: مؤسس كاردانو: العملات المشفرة في أفغانستان ستلعب دوراً كبيراً
طالبان والعملات المشفرة
السؤال الآن هو كيف ستحكم السلطة الدينية المتشددة، التي لديها أحد أكثر التفسيرات صرامة للإسلام في العالم، على مستقبل العملات المشفرة.
قال رئيس المكتب السياسي لطالبان في الدوحة، سهيل شاهين Suhail Shaheen في مقابلة له مع بلومبرج Bloomberg في فبراير/شباط:
” إن علماء الاقتصاد، وعلماء الدين يجب أن يدرسوا ما إذا كان يمكن السماح بالرموز الرقمية بموجب الممارسات المالية الإسلامية.”
سينتصر متشددو طالبان في نهاية المطاف، بحسب محاضر الاقتصاد السابق في جامعة جوزجان Jawzjan في شمال أفغانستان، إحسان صادق Ehsan Sadiq. حيث قال “أن التقليديين في وزارة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر يعرّفونها بأنّها ميسر، وهو “محرم في الإسلام”.
وقال صادق:
“طالبان ستحظرها بالتأكيد.”
وحسب قول تيموري عن أحد أصدقائه، فرض النظام قيوداً على بعض عمال تعدين العملات المشفرة، ولكن ليس لأنهم كانوا يقومون بتعدين بيتكوين Bitcoin. فقد أحرقت طالبان 50 جهازاً من أجهزة الكمبيوتر الخاصة للتعدين، لاعتقادها أن الأمريكيين كانوا يستخدمونها للتجسس على أفغانستان.
وأشار تيموري، أنّه إذا حظرت طالبان العملات المشفرة، سوف يحزم كل شيء، ويغادر إلى إيران.
قال تيموري:
“لا ينبغي أن يُنظر إلينا على أننا مضرون بطالبان. فنحن نساعد في إنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار. ويجب أن تعي طالبان ذلك.”
اقرأ أيضاً: تحدُّث التقارير عن تحول الأفغان إلى العملات المشفرة في أفغانستان!