قال أربعة محققين رقميين إن الانخفاض في أسواق العملات المشفرة مسح ملايين الدولارات المسروقة من قبل قراصنة كوريين شماليين. وذلك يهدد المصدر الرئيسي لتمويل الدولة المنهكة بالعقوبات، وبرامج أسلحتها.
اقرأ أيضاً: كوريا الشمالية تنتقد هيمنة التكنولوجيا الأمريكية بعد العقوبات الأخيرة!
تدني إيرادات كوريا الشمالية بسبب هبوط قيمة العملات المشفرة
ضخت كوريا الشمالية الكثير من مواردها لسرقة العملات المشفرة في السنوات الأخيرة، مما جعلها من أقوى تهديدات الاختراق.
وكانت أكبر عمليات سرقة العملات المشفرة قد سُجلت في مارس/آذار، حيث تمت سرقة ما يقرب من 615 مليون دولار.
و وفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية. قال مصدران رسميان لكوريا الجنوبية إن التراجع المفاجئ في قيم العملات المشفرة، الذي بدأ في مايو/أيار وسط تباطؤ اقتصادي أوسع، يعقد قدرة بيونغ يانغ على جمع الأموال من عمليات السطو الأخرى، وذلك قد يؤثر على تخطيطها لتمويل برامج أسلحتها.
ويتزامن ذلك مع اختبار كوريا الشمالية لعدد قياسي من الصواريخ، التي تُقدر تكلفتها بـ 620 مليون دولار هذا العام حسب المعهد الكوري لتحليلات الدفاع في سيول. كما أنَّها تستعد لاستئناف تجاربها النووية وسط أزمة اقتصادية.
ووفقاً، تشينأناليسيز Chainalysis لتحليلات بلوكتشين blockchain، لقد هبطت قيمة ودائع كوريا الشمالية من العملات المشفرة القديمة غير المغسولة، والتي تشمل الأموال المسروقة في 49 عملية اختراق من 2017 إلى 2021.
فقد شهدت انخفاضاً في قيمتها من 170 مليون دولار إلى 65 مليون دولار منذ بداية العام.
فيما صرَّحت السلطات الأمريكية بأن ّهجمة مارس/آذار كان بقيمة 615 مليون دولار على مشروع بلوكتشين رونين Ronin، الذي يُشغل لعبة إكسي إنفينيتي Axie Infinity الشهيرة على الإنترنت. وكانت مجموعة لازاروس Lazarus Group هي المسؤولة عن تلك العملية.
وقد ذكر كارلسن لوكالة رويترز للأنباء:
” إن تحركات الأسعار المترابطة للأصول المختلفة المتورطة في الاختراق جعلت من الصعب تقدير مدى قدرة كوريا الشمالية على تجنب تلك السرقة.”
وقال إنه إذا حدث نفس الهجوم اليوم، فستكون قيمة عملة إيثر Ether المسروقة أكثر بقليل من 230 مليون دولار، لكن كوريا الشمالية استبدلت كل ذلك تقريباً مقابل بيتكوين، التي شهدت تحركات أسعار منفصلة.
قال كارلسن:
“لا يجب القول إن الكوريين الشماليين فقدوا الكثير من القيمة على الورق. ولكن حتى في الأسعار المنخفضة، لا يزال هذا مبلغاً كبيراً.”
تقول الولايات المتحدة إن لازاروس Lazarus خاضعة لإشراف المكتب العام للاستطلاع، وهو مكتب الاستخبارات الرئيسي في كوريا الشمالية.
وقد تم اتهامه بالتورط في هجمات برنامج الفدية واني كراي “WannaCry“، واختراق البنوك الدولية وحسابات العملاء، والهجمات الإلكترونية لسنة 2014 على شركة سوني بيكتشرز إنقيستمنت Sony Pictures Entertainment.
فيما يتردد المحللون عن كشف أنواع العملات المسروقة التي تدخرها كوريا الشمالية إلاأنّ تشيناليسيز تشير بأنَّ إيثر تُشكل 58%، حوالي 230 مليون دولار، من 400 مليون دولار تمت سرقتها في عام 2021.
كما يقول المحققون إن كوريا الشمالية ترزح تحت عقوبات دولية واسعة النطاق بسبب برنامجها النووي، مما يتيح لها وصولاً محدوداً إلى التجارة العالمية، أو مصادر الدخل الأخرى، مما يجعل سرقات العملات الرقمية جذابة.
بالرغم من أن العملات المشفرة تقدر بأنها جزء صغير فقط من موارد كوريا الشمالية المالية، إلا أن، منسق هيئة خبراء الأمم المتحدة التي تراقب العقوبات، قال:
“إن الهجمات الإلكترونية أصبحت “بالتأكيد” أساسية ” لبيونغ يانغ للإفلات من العقوبات، وجمع الأموال لبرامجها النووية، والصاروخية.”
وفي عام 2019، ذكر مراقبو العقوبات أن كوريا الشمالية حصلت على ما يقدر بملياري دولار لبرامج أسلحة الدمار الشامل عن استخدام الهجمات الإلكترونية.
العقوبات وكوفيد 19 تقلصان موارد كوريا الشمالية
تفيد التقديرات الصادرة عن الحملة الدولية للحد من الأسلحة النووية إن كوريا الشمالية تنفق حوالي 640 مليون دولار في السنة على ترسانتها النووية.
وقد قُدر الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في سنة 2020 بحوالي 27.4 مليار دولار، وفقاً لبنك كوريا الجنوبية المركزي.
مع تلك العقوبات والقيود، أصبحت مصادر إيرادات بيونغ يانغ الرسمية محدودة، وبالأخص مع إغلاق الحدود المفروضة ذاتياً لمكافحة وباء كوفيد19 COVID-19.
كما ذكرت الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الشمالية، أنَّه في عام 2021 استوردت ما يزيد عن 58 مليون دولار من البضائع من كوريا الشمالية، وسط أدنى مستويات التجارة الثنائية الرسمية منذ عقود. والأرقام الرسمية لا تشمل التهريب.
حيث أكد آرون أرنولد من مركز الأبحاث آر يو إس آي RUSI في لندن أن كوريا الشمالية تحصل بالفعل على جزء يسير مما تسرقه، لأنه يجب أن تستخدم وسطاء راغبين في تحويل أو شراء العملات المشفرة دون طرح أي أسئلة.
وقد قدر تقرير صدر في فبراير/شباط من قبل مركز الأمن الأمريكي الجديد سي إن أيه إس (CNAS) أنه في بعض المعاملات، تحصل كوريا الشمالية فقط على ثلث قيمة العملة التي تسرقها.
عندما تحصل كوريا الشمالية على عملة مشفرة في عملية سرقة، بتحويلها إلى بيتكوين Bitcoin، ثم يشتريها الوسطاء بخصم مقابل العملات. وغالباً ما تُحفظ خارج البلاد.
قال أرنولد:
“تماماً مثل بيع عمل فني مسروق، فلن يحصل على قيمة سوقية عادلة.”
وحسب تشيناليسيز، لقد انتقلت كوريا الشمالية إلى طرق متطورة لغسيل العملات المشفرة المسروقة، مما زاد من استخدامها لأدوات البرمجيات التي تجمع العملات المشفرة من آلاف العناوين الإلكترونية.
وغالباً ما تكون محتويات عنوان معين مرئية للعامة، مما يسمح لشركات مثل تشيناليسيز، أو تي آر إم TRM بمراقبة أي تحقيقات مرتبطة بكوريا الشمالية.
هل ستتخلى كوريا الشمالية عن قرصنة العملات المشفرة
وفي تقرير صدر هذا العام إن المهاجمين مكّنوا الناس لمنحهم إمكانية الوصول أو الاختراق الأمني لسرقة الأموال الرقمية من المحافظ المتصلة بالإنترنت إلى العناوين التي تتحكم بها كوريا الشمالية.
حيث عبر كارلسن عن الحجم الهائل لعمليات الاختراق الأخيرة أنه أدى إلى إجهاد قدرة كوريا الشمالية على تحويل العملة المشفرة إلى نقود بالسرعة التي كانت عليها في الماضي.
وتابع كارلسن قائلاً:
“يبقى التحويل إلى النقد متطلباً أساسياً لكوريا الشمالية عند استخدام الأموال المسروقة. فيتم تداول معظم السلع، أو المنتجات التي يرغب الكوريون الشماليون بشرائها فقط بالدولار الأمريكي أو غيره من العملات الورقية، وليس بالعملات المشفرة.”
قال أرنولد:
“إن بيونغ يانغ لديها مصادر تمويل أخرى أكبر يمكنها الاعتماد عليها. فهي مستمرة في تهريب الفحم، وصادرات رئيسية أخرى محظورة.”
وكان قسم الأمن السيبراني سيكتريو Sectrio، في شركة البرمجيات الهندية صابيكس Subex، أكد أن هناك دلائل على أن كوريا الشمالية بدأت في تكثيف هجماتها على البنوك التقليدية، بدلاً من العملات المشفرة في الأشهر الأخيرة.
إلّا أن تشيناليسيز قالت إنها لم تشهد تغييراً ملحوظاً في سلوك كوريا الشمالية بخصوص العملات المشفرة. ويتوقع القليل من المحللين تخلي كوريا الشمالية عن سرقة العملات الرقمية.
اقرأ أيضاً: باستخدام العملات المشفرة، تتهرب كوريا الشمالية من التصاريح الأمريكية